Blog Details

الألكسيثيميا: صعوبة في التعبير عن المشاعر وفهمها

مقدمة تعد الألكسيثيميا (Alexithymia) حالة نفسية تتسم بصعوبة في التعبير عن مشاعر الفرد بالكلمات وفهمها. وقد تم تعريف هذه الحالة لأول مرة في السبعينيات، إذ وجد الباحثون أن بعض الأفراد يواجهون تحديات واضحة في وصف مشاعرهم وتفسيرها. تظهر الألكسيثيميا كأحد الموضوعات الهامة في علم النفس العيادي، إذ ترتبط بمشاكل في الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية، وتعتبر عاملاً مؤثرًا في كيفية تفاعل الفرد مع الضغوط الحياتية وإدارة مشاعره.

تعريف الألكسيثيميا وأسبابها تُعرف الألكسيثيميا بصعوبة إدراك وفهم المشاعر، إذ يواجه الأفراد المصابون بها تحديات في تحويل مشاعرهم إلى كلمات معبرة. يُعزى سبب هذه الحالة إلى عوامل بيولوجية وبيئية متعددة، حيث تشير الدراسات إلى أن بعض الاختلالات في مناطق الدماغ المرتبطة بمعالجة المشاعر، مثل القشرة الجبهية الأمامية والجهاز الحوفي، قد تكون سببًا في ظهور هذه الحالة. إضافةً إلى ذلك، قد تؤدي عوامل بيئية مثل التعرض لتجارب حياتية قاسية أو التربية في بيئات عاطفية غير داعمة إلى تطور الألكسيثيميا لدى بعض الأفراد.

أعراض الألكسيثيميا تشمل أعراض الألكسيثيميا عدة جوانب، إذ يظهر الأفراد المصابون بها سلوكيات ومظاهر تعبر عن صعوبة فهم وتعبير المشاعر، ومن بين الأعراض الرئيسية:

  1. ضعف إدراك المشاعر: يعاني المصابون بالألكسيثيميا من صعوبة في التعرف على مشاعرهم الأساسية، مثل السعادة أو الحزن أو الغضب.
  2. صعوبة وصف المشاعر: حتى عند تمكنهم من إدراك مشاعرهم، يجد المصابون صعوبة في التعبير عنها بالكلمات.
  3. التوجه نحو الفكر التجريدي: يتوجه المصابون بالألكسيثيميا نحو التركيز على الأفكار العملية والتجريدية بدلًا من التركيز على الأفكار العاطفية.
  4. فقدان القدرة على التفاعل العاطفي: يعاني بعض الأفراد من نقص في التفاعل مع الأحداث العاطفية، مما قد يؤدي إلى تباعدهم عن الآخرين وصعوبة تكوين علاقات عاطفية وثيقة.

تأثير الألكسيثيميا على الحياة اليومية تؤثر الألكسيثيميا بشكل كبير على الحياة اليومية للأفراد المصابين بها، إذ تواجههم صعوبات في تكوين علاقات اجتماعية صحية بسبب عدم قدرتهم على التواصل العاطفي بفعالية. علاوةً على ذلك، يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى مشكلات صحية نفسية مثل القلق والاكتئاب، حيث يعجز المصابون عن التعبير عن مشاعرهم السلبية بشكل صحي. على المستوى المهني، قد يواجه الأفراد المصابون بالألكسيثيميا تحديات في العمل ضمن فرق تتطلب تفاعلًا عاطفيًا أو تعاطفًا مع الآخرين.

الألكسيثيميا وعلم النفس العيادي في إطار علم النفس العيادي، يعد تشخيص الألكسيثيميا خطوة هامة نحو توفير الدعم المناسب للأفراد المصابين. يُستخدم مقياس تورونتو للألكسيثيميا (TAS-20) كأداة لقياس مستويات الألكسيثيميا، حيث يوفر مقياسًا يعتمد على استبيان ذاتي يقيّم القدرة على تحديد المشاعر ووصفها والانشغال بالأفكار الخارجية.

طرق العلاج والتدخلات النفسية رغم أن الألكسيثيميا لا تُعتبر اضطرابًا قابلًا للعلاج الكامل، إلا أن هناك استراتيجيات وأساليب يمكن أن تساعد الأفراد على التعامل مع صعوباتهم. تتضمن بعض التدخلات:

  1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأفراد على تطوير مهارات جديدة للتعبير عن المشاعر والتفاعل معها، حيث يتعلمون كيفية إدراك مشاعرهم تدريجيًا.
  2. العلاج النفسي الجسدي: يعتمد هذا النوع من العلاج على التركيز على الارتباط بين الجسد والعاطفة، مما يسهم في مساعدة المصابين على استكشاف مشاعرهم وتعلم كيفية التعبير عنها.
  3. العلاج الجماعي: يتيح العلاج الجماعي للأفراد فرصة التفاعل مع الآخرين في بيئة داعمة، مما يعزز فهمهم للمشاعر ويحسن قدرتهم على التعبير عنها.
  4. التدريب على الوعي الذاتي: يشمل تقنيات التأمل والوعي الذاتي التي تساعد الأفراد على تطوير علاقتهم بمشاعرهم وإدراك تأثيراتها على حياتهم.

الخاتمة تشكل الألكسيثيميا تحديًا نفسيًا واجتماعيًا لأفراد المجتمع، وتعتبر من الحالات التي تتطلب تدخلات نفسية متخصصة لدعم الأفراد في تحسين مهاراتهم العاطفية. ومع تقدم الأبحاث في هذا المجال، يُتوقع أن تزداد فاعلية التدخلات العلاجية، مما يسهم في تحسين جودة حياة الأفراد المصابين ومساعدتهم على التواصل بفعالية مع الآخرين.