Blog Details

نحو تعريف جديد للعلاج النفسي في زمن الذكاء الاصطناعي

مع تطور الذكاء الاصطناعي، بدأت الحدود تتلاشى بين العلاج النفسي التقليدي القائم على التفاعل البشري، وبين ما يُعرف بالعلاج النفسي المعتمد على “شات بوت” أو الذكاء الاصطناعي الحواري. إذ باتت الكثير من الشركات الناشئة والمؤسسات التقنية تروّج لأدوات رقمية تحاكي المعالج النفسي، مما أثار مخاوف حقيقية لدى العاملين في مجال الصحة النفسية.

ورغم أن معظم المتخصصين لا يرون في هذه الأدوات معالجين حقيقيين، إلا أن المشكلة الأعمق تكمن في أن تعريفات العلاج النفسي السائدة—سواء في السياق العام أو الأكاديم، يأصبحت سهلة المحاكاة. فهي تركز على الأساليب، وأهداف التغيير، والحوار العلاجي، وهي عناصر بات بإمكان الذكاء الاصطناعي تقليدها بدرجة كبيرة.

وهنا يظهر السؤال الجوهري: ما الذي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تقديمه؟ ولماذا يعتبر ذلك مهمًا؟ إذا كنا نؤمن أن هناك شيئًا جوهريًا يميّز التفاعل العلاجي الإنساني مثل العمق العاطفي، أو التواجد الإنساني، أو الخبرة الحياتية—فعلينا أن نُحدّده بوضوح ونعيد صياغة تعريفاتنا بما يعكس هذا التميّز.

التعريفات الحالية، مثل تلك التي تقدمها جمعية علم النفس الأمريكية أو المعهد الوطني للصحة النفسية، تطرح العلاج النفسي كعملية منظمة للتعامل مع الاضطرابات النفسية. بعضها يشير إلى أهمية العلاقة العلاجية، لكن حتى هذا المعيار لم يعد حكرًا على البشر، إذ تُظهر دراسات جديدة أن العملاء قادرون على بناء علاقة شعورية مع “الشات بوتات”.

لذلك، نحتاج إلى تعريف جديد وشامل يوضح بدقة ما الذي يجعل العلاج النفسي إنسانيًا بحق، وما المعايير التي لا يمكن التخلي عنها. هذا لن يحمي فقط مهنة العلاج النفسي، بل سيمنحها أيضًا نضجًا وقوة أكبر في مواجهة المستقبل.