Blog Details

هل يحسن الريتالين والمنشطات الذهنية التفكير والتعلم فعلاً؟

يثير استخدام دواء الميثيلفينيديت (المعروف تجاريًا باسم ريتالين) جدلًا واسعًا حول فعاليته في تحسين التركيز والأداء الأكاديمي، خاصة لدى الأشخاص غير المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD). يُستخدم هذا الدواء أساسًا لعلاج اضطراب نقص الانتباه والنوم القهري وبعض أشكال التعب العقلي، ويُعتبر أقل خطورة في التحفيز والإدمان مقارنةً بالمنشطات الأخرى مثل الأمفيتامينات والكوكايين.

رغم أن هذه الأدوية مخصصة لمن يعانون من اضطرابات الانتباه، إلا أن استخدامها غير الطبي في تزايد، خصوصًا في الأوساط الجامعية حيث يبحث الطلاب عن وسيلة لتحسين الأداء أثناء الامتحانات. وقد كشفت دراسة نُشرت في JAMA Psychiatry عام 2025 أن أكثر من ربع البالغين في الولايات المتحدة ممن يستخدمون المنشطات بوصفة طبية أفادوا بإساءة الاستخدام، بينما يعاني 9% من اضطراب الإدمان المرتبط بهذه المنشطات.

تشير بعض الدراسات إلى أن الريتالين يمكن أن يُحسن التركيز والذاكرة لدى الأشخاص الذين يعانون من التعب أو التشتت، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة تحسنًا ملحوظًا في الأداء الأكاديمي لدى غير المصابين باضطراب ADHD. فنتائج التجارب على الأصحاء تُظهر استجابات متباينة، حتى وإن بدت بعض الفوائد واضحة في مهام الانتباه والذاكرة.

وتُظهر أبحاث حديثة أن الميثيلفينيديت يعزز الاتصال بين مناطق الدماغ المسؤولة عن التركيز واتخاذ القرار، مما يدفع الدماغ نحو نمط أكثر تنظيمًا في التفكير. على سبيل المثال، أظهرت تجربة أن السائقين الذين تناولوا هذا الدواء تمكنوا من الحفاظ على سرعة مستقرة والبقاء في المسار الصحيح لفترات أطول أثناء القيادة، مما يدل على قدرته على تحسين الانتباه في المهام الرتيبة.

في دراسة واسعة شملت ما يقرب من 250,000 شخص في السويد، تبيّن أن تناول أدوية ADHD ارتبط بانخفاض ملحوظ في معدلات الأذى الذاتي، والإصابات، والحوادث، والسلوك الإجرامي أثناء فترات الاستخدام، مما يبرز فوائدها الواقعية في تحسين السلوك والوظائف التنفيذية.

رغم هذا، لا يبدو أن الريتالين يُحدث تغييرات في الشبكات العميقة في الدماغ مثل “شبكة الوضع الافتراضي” المرتبطة بالتفكير الإبداعي. فهو يُعزز الانتباه واليقظة، لكنه لا يُعيد تشكيل آليات التواصل بين مناطق الدماغ كما تفعل بعض المواد مثل السيلوسيبين.

أما فيما يتعلق بخطر الإدمان، فتشير أبحاث الدكتورة نورا فولكو إلى أن الأشخاص المصابين باضطراب ADHD الذين يتلقون العلاج في سن مبكر قد يكون لديهم خطر أقل في الإصابة باضطرابات الإدمان مستقبلاً. لكن هذا التأثير الوقائي لا ينطبق على من يتناولونه دون تشخيص، خصوصًا إذا تم استخدامه بطرق غير طبية مثل الشم أو الحقن، ما يزيد من مخاطر الاعتماد.

خلاصة:

قد يُظهر بعض الأشخاص غير المصابين بـ ADHD تحسنًا مؤقتًا في التركيز والذاكرة عند استخدام الريتالين، خاصة في المهام المتكررة أو المملة. لكن استخدامه لا يُعد وسيلة عامة لتحسين القدرات العقلية، ومخاطره الصحية عند إساءة الاستخدام حقيقية. أما بالنسبة للمصابين بالاضطراب، فإن الاستخدام المبكر والمنتظم يمكن أن يُسهم في تحسين الأداء وتقليل المخاطر السلوكية والإدمانية لاحقًا.