الإدمان والصدمات النفسية: علاقة معقدة وليست حتمية

في النقاشات المهنية حول الإدمان، يبرز رأي شائع مفاده أن الإدمان هو في الأساس استجابة لصدمات نفسية. وفقًا لهذا التصور، إذا كان شخص ما يعاني من إدمان على الكحول أو المخدرات أو الجنس أو غيرها من السلوكيات القهرية، فإن السبب الجذري غالبًا يعود إلى تاريخ من الصدمات، أحيانًا منذ الطفولة المبكرة، وأن السلوك الإدماني يمثل وسيلة للتخفيف الذاتي من آثار تلك الصدمات. ورغم أن هذه الفكرة تبدو جذابة لبساطتها، إلا أنها قد تبسط واقعًا أكثر تعقيدًا.
من المؤكد أن كثيرًا من الأفراد الذين يواجهون الإدمان قد مروا بتجارب صادمة، ومعالجة هذا التاريخ قد تكون جزءًا مهمًا من العلاج النفسي المسؤول. كما ينبغي أن يكون علاج الإدمان واعيًا بالصدمات، أي يأخذ في الاعتبار تأثيراتها العميقة والمستترة. لكن الادعاء بأن معظم أو جميع حالات الإدمان ناتجة عن الصدمات النفسية، وبالتالي أن علاج الصدمات هو الطريق الأساسي للشفاء، لا يتوافق مع الأدلة العلمية الأوسع.
هذا التصور حظي بانتشار واسع بفضل شخصيات مثل جابور ماتيه، الذي أقنع كثيرين—ومن بينهم أنا في وقت سابق—بأن الإدمان ينشأ غالبًا من جروح نفسية مبكرة، سواء كانت ناجمة عن إساءة أو إهمال أو حرمانات تنموية أكثر دقة. ورغم أن هذا التفسير يبدو منطقيًا، فإن الأساس العلمي له أقل قوة مما توحي به شهرته.
تشير الدراسات المحكمة حول التجارب السلبية في الطفولة (ACEs) إلى وجود ارتباط بين ارتفاع درجات ACE وزيادة احتمال السلوكيات الإدمانية. فوفقًا لتحليل شامل نشر في ذا لانسيت، فإن الأشخاص الذين أبلغوا عن أربع تجارب ACE أو أكثر كانوا أكثر عرضة للإفراط في شرب الكحول بمعدل ستة أضعاف، وأكثر عرضة لاستخدام المخدرات غير القانونية بمعدل عشرة أضعاف.
لكن هذه الأرقام تحتاج إلى تفسير حذر. أولًا، الارتباط لا يثبت السببية؛ إذ غالبًا ما تتزامن ACE مع عوامل مثل الفقر والحرمان الاجتماعي، وهي بدورها ترتبط بخطر الإدمان. ثانيًا، يختلف مستوى الارتباط باختلاف نوع المادة—مثل التبغ الذي أظهر زيادة أصغر (ثلاثة أضعاف) مما يشير إلى شبكة معقدة من المؤثرات وليس سببًا واحدًا قائمًا على الصدمات.
الخلاصة الأكثر دقة هي: التجارب السلبية في الطفولة ترتبط بارتفاع معدلات الإدمان، لكن هناك آليات متعددة، منها الصدمات تسهم في ذلك، ولا تزال هذه العلاقات غير مفهومة بشكل كامل.
أهمية هذا التوضيح تكمن في أن افتراض وجود صلة مباشرة بين الصدمات والإدمان لدى كل مريض قد يؤدي إلى تشخيص غير دقيق وإلى أشكال خفية من الوصم. فليس كل من لديه إدمان قد مر بصدمات، وليس كل من تعرض لصدمات يصاب بالإدمان. الدخول في علاقة علاجية مع افتراض أن الصدمة حتمًا موجودة، يعني تجاهل خصوصية رواية المريض وتعقيد العوامل المؤدية للإدمان.
باختصار، الإدمان يدعونا إلى تقبل الغموض، وتجنب التبسيط المفرط، واحترام فرادة كل قصة إنسانية.