خرافة التوحّد والتعاطف: ماذا تقول العلوم فعليًا؟

لطالما ارتبط التشخيص الطبي والنقاش المجتمعي بفكرة أن الأشخاص ذوي التوحّد يفتقرون إلى التعاطف. هذه الصورة النمطية انعكست في الإعلام والسينما، وأثّرت في السياسات التعليمية وأسلوب التربية وفرص العمل. لكن دراسة حديثة كبرى تكشف أن هذه الفرضية ليست دقيقة.
فقد قدّم تحليل تلوي شمل 226 دراسة وأكثر من 57 ألف مشارك نتائج تُظهر واقعًا أكثر تعقيدًا.
أبرز النتائج
- أنماط مختلفة من التعاطف: غالبًا ما يواجه الأشخاص ذوو التوحّد صعوبة أكبر في التعاطف المعرفي (فهم مشاعر وأفكار الآخرين)، بينما الفارق في التعاطف العاطفي (مشاركة المشاعر) ضئيل.
- الدراسات الأكثر دقة تكشف فروقًا أقل: عند الاقتصار على الأبحاث عالية الجودة، تلاشت حتى هذه الفروق الصغيرة.
- مشكلة القياس: أدوات شائعة مثل مقياس التعاطف (EQ) تبالغ في تصوير الفروق لأنها تخلط بين التعاطف ومهارات التواصل الاجتماعي. أما الأدوات المتعددة الأبعاد مثل مؤشر التفاعل بين الأشخاص فتُظهر أن بعض الأشخاص ذوي التوحّد يشعرون بالمشاعر بقوة لكن يواجهون صعوبة في ضبطها أو التعبير عنها.
دلالات البحث
- نصف الدراسات تقريبًا اعتمدت منهجيات ضعيفة.
- هناك تحيّز في النشر لصالح نتائج تُظهر اختلافًا أكبر.
- التباين داخل مجموعة التوحّد أوسع بكثير من التباين عند غير المصابين: بعضهم أقل تعاطفًا، كثير منهم ضمن المعدل الطبيعي، والبعض أكثر تعاطفًا.
الخلاصة
الحديث عن “نقص التعاطف لدى المصابين بالتوحّد” يبدو إلى حد كبير خرافة أنتجتها مقاييس غير دقيقة وصور نمطية قديمة. على الأطباء والمعلمين وصنّاع القرار إعادة النظر في هذه الفرضية والاعتراف بتنوع التجربة التوحّدية. تغيير السردية يتطلّب إشراك الأشخاص ذوي التوحّد أنفسهم في صياغة فهم جديد يقوم على الكرامة والاحترام.