كسر دائرة المشاعر السلبية: كيف تعيد الوعي العاطفي دافعك للحياة

حين تغمرك مشاعر الحزن أو القلق أو الغضب، قد تجد نفسك عاجزًا عن الحركة، غارقًا في تلك الحالة دون طاقة للقيام بأي شيء. لكن فهم العلاقة بين العاطفة والدافع والسلوك قد يكون الخطوة التي تُعيدك إلى التوازن.
قوة التمييز العاطفي
أظهرت دراسة حديثة بقيادة الباحثة آيا أوتشيدا وزملائها في جامعة ملبورن (2025) مفهومًا نفسيًا دقيقًا يُعرف بـ التمييز العاطفي، أي القدرة على تحديد ماهية الشعور بدقة في اللحظة الحالية. بعض الأفراد قادرون على معرفة ما إذا كانوا يشعرون بالحزن أو القلق أو الغضب، بينما يعيش آخرون مشاعرهم كخليط غير واضح.
تخيل مثلًا أنك تحاول التواصل مع صديق مقرب لا يرد على اتصالاتك. قد تشعر بالحزن بسبب الرفض، أو بالغضب لأنك تُتجاهل، أو بالقلق خشية أن شيئًا سيئًا قد حدث. تحديد المشاعر بدقة يغير طريقة استجابتك ويمنحك السيطرة بدلًا من ردود الفعل العشوائية.
من الشعور إلى الفعل
خلص الباحثون إلى أن الأفراد القادرين على التمييز بين مشاعرهم يستخدمونها بطريقة أكثر فاعلية عبر ما يُعرف بـ الدافع الأداتي، أي تحويل الشعور إلى عمل بنّاء. فحين تحدد ما تشعر به بدقة، يمكنك اختيار وسيلة التعامل الأنسب: التعلم من التجربة، تحسين علاقاتك، أو تطوير ذاتك.
طُلب من المشاركين في الدراسة تسجيل مشاعرهم واستجاباتهم عدة مرات يوميًا على مدار 14 يومًا، مع توضيح أسباب اختيارهم لكل طريقة للتعامل مع العاطفة. وأظهرت النتائج أن من يمتلكون وعيًا عاطفيًا لحظيًا استطاعوا تحويل حتى المشاعر السلبية القوية إلى سلوك موجّه نحو أهداف واضحة.
الوعي بوصفه أداة للنمو
أكد الباحثون أن الدقة في فهم المشاعر تمكّن الأفراد من التركيز على استراتيجية فعالة واحدة بدل التجربة العشوائية. في مثال الصديق، ربما تدرك أن الأفضل هو منحه مساحة بدلاً من الإلحاح، وهو ما يعكس نضجًا ونموًا شخصيًا.
إجمالًا، الوعي العاطفي لا يُخفف الألم فقط بل يحوله إلى فرصة للتطور. والأجمل أن هذه المهارة يمكن اكتسابها وليست سمة فطرية. فقط توقف، حدّد شعورك، اربطه بالحدث المسبب له، وستجد أن طريق الفعل أصبح أوضح.
المشاعر كأداة للمعرفة
التغلب على الشلل العاطفي لا يعني إنكار مشاعرك، بل فهمها واستخدامها كبيانات تقودك. عندما تُعامل العاطفة كمعلومة لا كعائق، تكتسب وضوحًا داخليًا وقدرة على اتخاذ قرارات أعمق.
وهكذا، يتحول الألم إلى طاقة توجيهية نحو التحقق الذاتي والنضج النفسي.