مراحل التطور العصبي النفسي للطفل
وهي عملية ديناميكية تتداخل فيها التغيرات الفسيولوجية تدريجيا مع التشكيلات النفسية والاجتماعية. في السنوات الأولى من الحياة، يصل دماغ الطفل إلى ذروة اللدونة العصبية، مما يسمح بتكوين اتصالات عصبية جديدة بسرعة استجابة للمحفزات البيئية. تتميز هذه المرحلة بتكوين عدد متزايد من الاتصالات العصبية بين القشرة الدماغية – مركز الوظائف الذهنية العليا – والهياكل تحت القشرية المسؤولة عن الدافع والمشاعر والوظائف الذهنية الأبسط. وهذا يمهد الطريق لانتقال الطفل من سلوك انعكاسي إلى أنماط سلوكية أكثر تنظيما وتعقيدا. مع تطور الجهاز العصبي، تصبح الوظائف الذهنية العليا الأساسية – الإدراك، الانتباه، والذاكرة – أكثر تعقيدا تدريجيا، وتصبح أكثر تميزا وتنظيما. يلعب الكلام دورا رئيسيا في جميع هذه المراحل. لا يعمل فقط كوسيلة للتواصل، بل أيضا كأداة داخلية لتنظيم التفكير والتحكم في السلوك، مما يساهم في تكوين الوظائف التنفيذية وقدرة الطفل على التخطيط والسيطرة على سلوكه. بهذا المعنى، لا يقتصر التطور العصبي النفسي على النضج البيولوجي لهياكل الدماغ، بل هو عملية معقدة تتفاعل فيها العوامل العصبية مع العوامل الاجتماعية والثقافية، مكونة الشخصية، بالإضافة إلى الوظائف المعرفية والعاطفية النفسية بطريقة معقدة وتدريجية.