Blog Details

فهم سلوك الأطفال في الرعاية الحاضنة

كثيرًا ما يُوصَف الأطفال في الرعاية الحاضنة بأنهم “مثيرو مشاكل” عند ظهور نوبات غضب أو انسحاب أو سلوك متحدٍّ. قد يراهم المعلّمون كمصدر إزعاج، أو يصفهم مقدمو الرعاية بأنهم متلاعبون، وحتى بعض المختصين قد يسيئون تشخيصهم. لكن خلف هذه المظاهر “المفرطة” غالبًا ما تكمن استجابات بقاء ناتجة عن صدمات وفقدان سابق.

يُقال في العلاج الأسري: “ما يبدو هستيريًا في الحاضر، غالبًا ما يكون تاريخيًا في الماضي.” فالأطفال قد ينفجرون عاطفيًا عند المرور بمكان يذكّرهم بأسرتهم الأصلية، أو يرفضون اتباع القواعد بسبب ذكريات مرتبطة بالفوضى أو الإهمال.

تغيير النظرة من اللوم إلى الفضول يفتح المجال للتعاطف وبناء علاقات أعمق.

لماذا يُساء فهم سلوكهم؟

جميع الأطفال يختبرون الحدود ويمرّون بأزمات هوية، لكن أطفال الرعاية الحاضنة يظهرون ذلك بصورة أشد وأطول. تجاوز موعد العودة إلى البيت قد لا يكون تمردًا، بل اختبارًا: “هل ستظل تقبلني إذا كسرت القواعد؟”

عندما يُساء تفسير هذه السلوكيات، يُعاقَب الطفل بدل دعمه، فيُكبت صوته الباحث عن الارتباط.

صدمة الانفصال

في جوهر تجربة الرعاية الحاضنة يكمن انفصال الطفل عن مقدمه الأساسي للرعاية. هذا الانقطاع يسجَّل في الجهاز العصبي كخطر دائم، حتى لو لم يمتلك الطفل كلمات للتعبير عنه. تظهر آثاره على شكل انعدام ثقة، يقظة مفرطة، وصعوبات في ضبط العاطفة.

اليقظة المفرطة

الحذر الدائم ساعد الأطفال على النجاة، لكنه يأتي بثمن: قلق مزمن، إرهاق نفسي، صعوبات نوم، وأحيانًا خدر عاطفي.

مجالات رئيسية يتأثر بها السلوك

  1. العلاقات والتعلق – بين التشبث المفرط والابتعاد، خوفًا من الهجر.
  2. الثقة والأمان – تخزين الطعام أو رفض العناق تعبير عن فقدان الثقة.
  3. تنظيم العاطفة – نوبات غضب أطول وأكثر حدة.
  4. الهوية وتقدير الذات – أسئلة “لماذا تُركت؟” قد تولّد شعورًا بالذنب أو العار.
  5. السلوك والسيطرة – التشبث بالقواعد أو صراعات القوة ناتجة عن فقدان السيطرة سابقًا.
  6. الجسد والحواس – الصدمات تظهر ككوابيس أو آلام جسدية أو حساسية مفرطة.
  7. الحزن والفقدان – مشاعر فقد مستمرة تتجلى في الغضب أو الانطواء.

مقابلة الطفل في عمره النفسي

قد يتصرّف المراهق كما لو كان أصغر بكثير عاطفيًا. لذلك، الرعاية الواعية بالصدمات تتطلّب مقابلة الطفل عند مستوى نضجه النفسي، لا عمره الزمني.

إعادة صياغة النظرة

المسألة ليست “هذا الطفل لا يريد أن يتصرف”، بل “هذا الطفل لا يستطيع أن يتصرف كأقرانه”. السلوك رسالة، وعندما نفهمها نفتح الباب للشفاء.

طرق الدعم

  • تقديم رعاية ثابتة وهادئة.
  • العلاج النفسي المراعي للصدمات مثل EMDR أو CBT أو TBRI.
  • التعبير عن الحزن من خلال الفن أو اللعب أو السرد.
  • فصل هوية الطفل عن سلوكه؛ فهو ليس “سيئًا” بسبب خطأ ارتكبه.

الرسالة الختامية

أطفال الرعاية الحاضنة ليسوا سيئين، بل ناجين يحملون آثار الفقد والصدمات. سلوكهم لغة تحتاج إلى الإصغاء. بالرحمة بدل الحكم، نستطيع تحويل الألم إلى تعافٍ وأمل.