Blog Details

لماذا يشعر المصابون بفرط الحركة وتشتت الانتباه بأنهم غارقون عاطفيًا – وليس فقط غاضبين؟

يعيش المصابون باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) في حالة دائمة من الصراع العقلي؛ ليس فقط في متابعة المهام، بل في تنظيمها والتعامل مع التوتر العاطفي المصاحب لها. ما يواجهونه لا يقتصر على “نوبات غضب”، بل يشبه الفيضان العاطفي الذي يغمرهم في لحظة.

مثال واقعي

تخيل “بيتر”، لديه تقرير عمل يجب تسليمه نهاية الأسبوع، لكنه يؤجله باستمرار. هذا وحده يسبب له ضغطًا نفسيًا. أضف إلى ذلك أن لمبة المحرك في سيارته تضيء منذ أسبوعين ولم يهتم بالأمر. وهناك أيضًا موعد اجتماع أولياء الأمور في مدرسة ابنته، في نفس يوم تسليم التقرير، ويشعر أنه لا يمكن أن يتغيب عن هذا الموعد المهم، خاصةً بعد طلاقه. وفوق كل هذا، يطلب منه مديره البدء في مشروع جديد، ظنًّا منه أنه أنهى التقرير الأول – في الحقيقة، لم يبدأه أصلاً، ويخشى الاعتراف بذلك.

لكل واحدة من هذه الأمور عبء عاطفي، وعندما تتراكم دون تنظيم أو تصنيف، يشعر الشخص المصاب بفرط الحركة وكأن العالم ينهار فوقه. هذا هو ما يُعرف بـ الفيضان العاطفي – حيث تمتزج كل الضغوط معًا، وتصبح المشاعر أقوى من أن تُحتمل.

ما تفسير هذا في علم الأعصاب؟

السبب الأساسي لهذا الفيض العاطفي هو خلل في منطقتين رئيسيتين في الدماغ: قشرة الفص الجبهي واللوزة الدماغية.

تلعب قشرة الفص الجبهي دورًا محوريًا في وظائف “التحكم التنفيذي”، مثل تنظيم العواطف، تأجيل الإشباع، التخطيط، والذاكرة العاملة. لدى المصابين بـ ADHD، تكون هذه المنطقة أقل تطورًا، ما يؤدي إلى اندفاع، ونسيان، وصعوبة في الاستمرار بالمهمة، مما يجعلهم عرضة أكثر لانفجارات عاطفية عند الضغط.

أما اللوزة الدماغية، وهي مركز المشاعر في الدماغ، فتكون مفرطة النشاط لدى المصابين بـ ADHD، ما يجعلهم يتفاعلون بشدة مع الضغوط الصغيرة، وكأنها تهديدات كبيرة. ويزداد الأمر تعقيدًا عندما يكون الشخص حساسًا للرفض، ويطوّر أفكارًا سلبية عن قدرته على التعامل مع التوتر.

ولكن… الدماغ يمكن إعادة توصيله

الخبر الجيد هو أن الدماغ قابل للتغيير. من خلال الممارسة، والانفتاح على تغيير المعتقدات، وتعلم مهارات التنظيم والانتباه، يمكن للأشخاص المصابين بـ ADHD تحسين قدرتهم على إدارة عواطفهم، وتنظيم يومهم، والشعور بالمزيد من الاستقرار.
ومن خلال عملي مع عدد من الأشخاص المصابين بفرط الحركة، رأيت كيف أن التحسن في التركيز والترتيب ينعكس إيجابيًا على التحكم العاطفي. ومع الوقت، تصبح العواصف الداخلية أقل حدة. نعم، بالإمكان الوصول إلى الهدوء، حتى بعد سنوات من الفوضى.