الصدمة المحيطة: توتر خفي في عصرنا الحديث

في أحد أيام الأحد بعد أسبوع مرهق، جلست أحاول الاسترخاء بمشاهدة الأخبار وتصفح الإنترنت. لكن بدلًا من الراحة، وجدت نفسي محاصرًا بعناوين مأساوية: فيضانات كارثية في تكساس، صراعات مسلحة في أوروبا والشرق الأوسط، اضطرابات سياسية، وضغوط اقتصادية متصاعدة.
خلال دقائق، غمرني شعور بالخوف والقلق. تسارع نبضي، وتصلبت عضلاتي، وتملكتني أفكار عن مصير عائلتي والعالم. لم تكن هذه لحظة عابرة، بل مشهدًا يتكرر باستمرار كأنه لا نهاية له.
عصر الاتصال الفائق
نحن نعيش اليوم في عالم شديد الترابط. أي كارثة تقع في أي مكان تصلنا مباشرة، محملة بالصور والانفعالات. لا نسمع عنها فقط، بل نغرق فيها. وكلمة “محیط” تعني الإحاطة، وهذا بالضبط ما يحدث: إحاطة دائمة بمشاهد الألم والمعاناة حتى لو لم نكن طرفًا مباشرًا.
ما هي الصدمة المحيطة؟
الصدمة التقليدية تحدث نتيجة تجربة مباشرة. أما الصدمة المحيطة فهي تراكم نفسي يتسلل ببطء من خلال التعرض المستمر لأخبار الحروب والكوارث والأزمات الاجتماعية.
تظهر بشكل غير صاخب: قلق مزمن، توتر خفي، حزن داخلي، أو شعور بالعجز. ورغم أنها قد لا ترقى إلى اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، إلا أن آثارها النفسية واقعية.
تكمن صعوبتها في أنها أحداث بعيدة عنا، فلا نملك رد فعل مباشر، بينما أجسادنا تستجيب كما لو كنا نعيش التهديد بأنفسنا.
دليل من الواقع
بعد حادث التدافع في سيول عام 2022، أظهرت دراسة أن أشخاصًا لم يكونوا هناك لكن شاهدوا الحدث عبر الإعلام أبلغوا عن ارتفاع واضح في القلق والاكتئاب والخوف. بعض الأعراض تراجعت بمرور الوقت، لكن إحساس الأمان لم يعد كما كان.
كيف نتعامل معها؟
لا يمكننا الانفصال تمامًا عن العالم، لكن يمكن حماية أنفسنا عبر ممارسات واعية:
- تحديد وقت للأخبار بدل التعرض المستمر.
- اختيار محتوى إيجابي مثل الموسيقى أو الكوميديا.
- التركيز على ما نتحكم به كالصحة والعلاقات والعمل.
- المشاركة الفعالة في المبادرات أو العمل التطوعي لتحويل العجز إلى فعل إيجابي.
طلب الدعم والتواصل مع الأصدقاء أو المتخصصين عند الحاجة.