Blog Details

معالجة العواطف المعقدة لدى البالغين المصابين بالتوحّد

تُعد القدرة على التعرّف الدقيق على العواطف من الأسس الضرورية للتفاعل الاجتماعي الناجح.

يقسّم علماء النفس العواطف إلى فئتين رئيسيتين: العواطف الأساسية (مثل الغضب، الخوف، الاشمئزاز، الفرح، الحزن، والدهشة)، والعواطف المعقدة التي تنشأ من تفاعل المشاعر الأساسية مع العمليات المعرفية والعوامل الاجتماعية والثقافية.

تشير الأبحاث إلى أن البالغين المصابين بالتوحّد قد يواجهون صعوبات في التعرّف على العواطف الأساسية في بعض المواقف. ففي الدراسات المعملية، أظهروا دقة أقل في تحديد العواطف من خلال ملامح الوجه مقارنةً بالبالغين العصابيين (النيوروتيبيين).

لكن دراسات حديثة أوضحت أن قدرتهم على فهم العواطف في المواقف الواقعية قد تكون أفضل مما توحي به التجارب المخبرية. إذ إن الإشارات السياقية – مثل لغة الجسد، الإيماءات، والعوامل البيئية – تُحسّن من دقة التعرّف على المشاعر لديهم. بل وقد يعتمد الأشخاص المصابون بالتوحّد على هذه الإشارات بدرجة أكبر من أقرانهم العصابيين.

في دراسة أجراها كلين وبلومبرغ (2025)، تمت مقارنة بالغين شباب مصابين بالتوحّد مع بالغين آخرين لا يعانون من اضطرابات عصبية أو نمائية أو نفسية. عُرضت على المشاركين تعابير عاطفية بثلاث طرق:

  1. ملامح الوجه فقط.
  2. ملامح الوجه مع لغة الجسد الكاملة.
  3. الوجه والجسد ضمن سياق بيئي ذي معنى (مثلاً: وجه مبتسم مع إشارة الإبهام في مشهد شاطئي مشمس).

أظهرت النتائج أن البالغين المصابين بالتوحّد كانوا أكثر دقة عندما توفرت إشارات سياقية وبيئية، بينما حافظ البالغون العصابيون على مستوى ثابت من الدقة في جميع الحالات.

خلص الباحثون إلى أن البالغين المصابين بالتوحّد يستخدمون استراتيجيات مختلفة في معالجة العواطف، ويعتمدون بشكل أكبر على السياق. وعندما تتوافر لهم إشارات كافية، فإنهم يصلون إلى دقة مماثلة للعصابيين.

كما أكد الباحثون أن معظم الدراسات السابقة ركّزت على القصور بدلاً من دراسة الاختلافات في معالجة العواطف. وقد تكون اختبارات التعرّف على الوجه وحدها أقل من أن تعكس القدرات الحقيقية لهؤلاء الأفراد.

إن تقدير هذه الاختلافات يعزز فهمنا لمفهوم الذكاء العاطفي عبر المجموعات المختلفة، كما أن المعالجة البطيئة والمستندة إلى السياق قد تحمل مزايا في مواقف معينة.وعليه، قد تستفيد برامج التدخل في مهارات التواصل الاجتماعي من دمج الإشارات السياقية وغير الوجهية لمساعدة البالغين المصابين بالتوحّد على استثمار نقاط قوتهم في فهم المشاعر في الحياة اليومية.