التصميم من أجل العقل

إعادة التفكير في بيئات العمل
هل يمكننا تصميم أماكن العمل بشكل مثالي لتعزيز الإنتاجية والإبداع؟ أثبتت المكاتب المفتوحة فشلها، وكذلك التصاميم التقليدية ذات الصفوف المنتظمة من المكاتب. أما المساحات المرحة التي شاعت في شركات التكنولوجيا الكبرى، فيبدو أنها فقدت بريقها. ومنذ جائحة كورونا، لا يزال أصحاب العمل يواجهون صعوبة في إعادة الموظفين إلى مكاتبهم، رغم أن التفاعل المباشر واللقاءات العفوية غالباً ما تولّد الابتكار.
التصميم الحيوي
ظهر اتجاه حديث يُعرف باسم التصميم الحيوي، ويقوم على دمج عناصر الطبيعة داخل المباني. مصطلح “حب الطبيعة” صاغه المحلل النفسي إريك فروم ووسّعه لاحقاً عالم الأحياء إدوارد ويلسون، ويشير إلى الميل الفطري للإنسان نحو الطبيعة. يرى مؤيدو هذا التوجه أن انفصالنا عن الطبيعة سبب رئيسي للتوتر والإرهاق الذهني. لذلك، يحاول التصميم الحيوي إدخال عناصر طبيعية كالخضرة، الجدران النباتية، الضوء الطبيعي، الألوان الترابية، والأنماط العضوية إلى المساحات الداخلية لتعزيز الراحة والإبداع. لكن السؤال العلمي الجوهري هو: هل ينجح ذلك حقاً؟
دراستنا
أجرينا مقارنة بين ثلاث بيئات:
- الطبيعة: غابة قريبة من الجامعة.
- غرفة حيوية: مزودة بنباتات، جدار مغطى بالطحالب، سقف من الخيزران، ألوان طبيعية، وسجادة ذات نقوش مستوحاة من الفركتلات.
- غرفة محايدة: غرفة بسيطة بلا زخارف، مثل تلك الموجودة عادة في مختبرات علم النفس.
قيّمنا المشاركين من حيث الجاذبية الجمالية، الانتباه، المزاج، والإبداع. النتيجة: الغابة كانت الأكثر إرضاءً جمالياً، تليها الغرفة الحيوية، بينما جاءت الغرفة المحايدة أخيراً. لم نلاحظ فروقاً في الانتباه أو المزاج بين الغرف، لكن الأشخاص كانوا أكثر إبداعاً في الطبيعة، حيث أظهروا مرونة ذهنية وقدرة أكبر على التفكير المتشعب.
الدلالات
لا يمكن لدراسة واحدة أن تحسم الجدل، وقد تتأثر النتائج بعوامل مثل طول التعرض أو طبيعة الفئة المشاركة. ربما يُظهر التصميم الحيوي آثاراً أوضح لدى أشخاص يعانون من القلق أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. ومع ذلك، تؤكد نتائجنا أن الطبيعة تعزز الإبداع. مجرد الجلوس في حديقة أو التنزه بين الأشجار قد يكون كافياً لتحفيز الأفكار الجديدة.