العار: جرحٌ أم دعوةٌ للنهوض؟

إذا سبق لك أن شعرت بالعار، فأنت تعلم أنه ليس مجرد شعور عابر، بل أثرٌ يبقى. قد يظهر كحرارة مفاجئة في صدرك، أو احمرار في وجهك، أو صوت داخلي يهمس: “أنت لست كافيًا”. العار يحمل تناقضًا غريبًا؛ فهو قد يكبّلنا، لكنه أحيانًا يدفعنا إلى الأمام.
عبر العصور، كان العار يُنظر إليه تارة كوسيلة لضبط النفس وتعزيز الفضيلة، وتارة كعبء نفسي ينهك الروح. قد يدفعنا للصدق، ويمنعنا من الإيذاء، ويربطنا بالمجتمع. لكنه أيضًا قد يختبئ في الظل، ويقيد طاقتنا، ويقلص طموحاتنا وعلاقاتنا.
كان فرويد يرى أن الشفاء من العار يبدأ حين نجد مساحة آمنة للتعبير عمّا نخجل منه. وعندما نقابل هذا الإفصاح بالتعاطف، يبدأ العار في التلاشي. رأيت أشخاصًا يستعيدون حريتهم الداخلية فقط لأنهم تجرؤوا على البوح بما كانوا يخفونه. لكن المفارقة أن للعار وجهًا آخر: في الشباب، وفي الرغبة في التميز أو نيل الإعجاب، قد يكون وقودًا للطموح.
نعيش في زمن ننتقد فيه العار ونحاول تجاوزه. عن حق، هناك أنواع من العار يجب التحرر منها—كالعار الموروث من تجارب مؤلمة، أو العقائد الصارمة، أو إساءات الأجيال. لكن في سعينا لإلغاء العار تمامًا، قد نخسر أيضًا البوصلة الأخلاقية. فبدون أي شعور داخلي بالمسؤولية، هل نفقد التوازن بين الحرية والالتزام؟
العار ليس أبيض أو أسود. قد يحدّ من الحياة، أو يوجّهها. قد يكون مؤلمًا، أو محفزًا. المهم هو أن نعيه، ونطرح الأسئلة: من أين أتى هذا الصوت الداخلي؟ هل هو صوتي؟ هل يحمل حكمة، أم مجرد قسوة؟
ولهذا، دعوتي لك هي أن تتأمل: أين جعلك العار تنكمش؟ وأين يدعوك اليوم إلى أن تكون أشجع؟ سَمِّه، حتى لو كنت وحدك. أو تحدث عنه مع من تثق. دعه يخرج إلى النور. لاحظه، ثم ابدأ في رفض سلطته بهدوء.
وفي الختام، اسأل نفسك: هل أنت مستعد لمواجهة الحياة، بكل ما فيها، بشجاعة حقيقية؟