متى تؤذي التسميات ومتى تشفي؟

عندما تُلصق التسميات بالأشخاص أو بسلوكهم، قد تصبح أداة قوية ولكنها مثيرة للجدل. فهناك من يرفضها تمامًا باعتبارها تقليلًا من قيمتهم أو حصرًا لهم في قوالب ضيقة، بينما يتمسّك آخرون بها لدرجة جعلها جزءًا أساسيًا من هويتهم. كلا الاتجاهين مفهوم، لكنه يغفل الوظيفة الحقيقية للتسميات.
التسميات في جوهرها ليست حقيقة مطلقة، بل إشارات تساعدنا على تسمية ما نراه والتعامل معه. كما أن قولنا “شجرة” يوضح لنا ما نتعامل معه لكنه لا يختزل جوهرها، فإن استخدام تشخيص أو تعريف يمكن أن يوضح التجربة دون أن يحصر الإنسان داخلها. تجاهل التسميات قد يُضعف قدرتنا على فهم الواقع، بينما الإفراط في التعلق بها قد يُبسّط تعقيد الإنسان.
الفجوة بين الأجيال
- الأجيال الأكبر سنًا (جيل الطفرة وجيل إكس) اعتادوا على ثقافة الصمود والكتمان، وكان طلب تشخيص يُنظر إليه كضعف أو تبرير.
- الأجيال الحديثة (جيل الألفية وزِد) ترى التسميات أداة تمكين: لغة للفهم، جسر للتواصل، وطريقًا للحصول على الدعم.
كلا الاتجاهين له إيجابياته وسلبياته: تجنّب التسميات حمى البعض من المبالغة في التشخيص لكنه ترك آخرين بلا دعم. أما التوسع في استخدامها فقد كسر وصمة العار لكنه عرّضها أحيانًا للاختزال والتسطيح.
مخاطر قلة التسميات
التردد في استخدام التسميات قد يؤخر الاعتراف بالأنماط المؤذية. فمثلًا، النرجسية كثيرًا ما يتم إنكارها أو الخوف من تسميتها رغم وضوح أعراضها، مما يسمح بسلوكيات مؤذية أن تستمر. وبالمثل، أجيال كاملة من الأطفال ذوي التوحد أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه تم وسمهم بالكسل أو ضعف الانضباط بدلًا من الاعتراف بحالتهم.
مخاطر الإفراط في التسميات
الاستخدام العشوائي للمصطلحات النفسية في الإعلام والثقافة الشعبية يفرغها من معناها. كلمات مثل “نرجسي”، “غازلايتينغ”، أو “رابطة الصدمة” يتم تداولها بشكل مبالغ فيه حتى أصبحت بلا دقة. والأسوأ أن بعض الأفراد قد يختبئون وراء التشخيص بدلًا من السعي للتطور والنمو.
الطريق الوسط: التسمية الواعية
الحل هو التوازن بين الإفراط والإنكار:
- المعرفة: لا تُستخدم التسمية إلا مع فهم حقيقي لمضمونها.
- السياق: يجب أن تُستعمل لتوضيح الموقف لا كسلاح ضد الآخرين أو كهوية نهائية.
التسميات كأدوات لا كسجون
التسمية أداة تساعدنا على الفهم، ورسم الحدود، وبناء التعاطف. استخدامها بحكمة يضيء التعقيد الإنساني بدلًا من اختزاله، ويذكّرنا بأن الإنسان أوسع من أي كلمة أو تشخيص.