Blog Details

التمييز بين اضطراب الشخصية الحدية واضطرابات الطيف الوجداني ثنائي القطب

يُعد التفريق بين اضطراب الشخصية الحدية والطبع الدوري المزاج والاضطراب الوجداني ثنائي القطب من أكثر التحديات تعقيدًا في الطب النفسي والعلاج النفسي. فالتشخيص الدقيق قد يحدد نجاح العلاج من فشله.

فعلى سبيل المثال، يستجيب الاضطراب الوجداني ثنائي القطب عادةً للعلاج الدوائي، والليثيوم يمكن أن يؤدي إلى استقرار الأعراض والوقاية من النكسات المستقبلية (Ghaemi, 2024). أما اضطراب الشخصية الحدية، فلا تعالج أدواء المزاج فيه الجوانب الجوهرية، مما يجعل التشخيص الخاطئ سببًا في محاولات علاجية فاشلة ومعاناة طويلة.

ويكمن سبب هذا اللبس في تشابه الأعراض المزاجية. لكن يمكن تمييز اضطراب الشخصية الحدية من خلال سِمتين أساسيتين:

  1. يتميز اضطراب الشخصية الحدية باستخدام آليات دفاعية بدائية مثل التقسيم (Splitting) والإسقاط (Projection) والتماهي الإسقاطي (Projective Identification) (Kernberg, 1975). فمثلاً، يظهر التقسيم كميل لرؤية الآخرين إما “جيدين بالكامل” أو “سيئين بالكامل”، دون القدرة على رؤية التدرجات. هذه السمة تظهر بوضوح في معايير DSM-5 (“…التنقل بين المثالية والتقليل من القيمة”) (APA, 2013). أما في الاضطراب ثنائي القطب، فنادرًا ما نرى مثل هذه الآليات.
  2. السمة الأخرى المميزة هي فرط الحساسية في العلاقات (Gunderson & Lyons-Ruth, 2008)، حيث يتأثر المريض بشدة بعلاقاته القريبة، وخاصة مع ما يُعرف بـ”الشخص المفضل”. وقد أوضح Gunderson (1984) أن الاضطرابات في العلاقات تمثل السمة الأكثر تميزًا لاضطراب الشخصية الحدية مقارنة بالتشخيصات الأخرى.

رغم أن Linehan (1993) اعتبرت عدم التنظيم العاطفي جوهر المشكلة، إلا أن فرط الحساسية في العلاقات هو المحرك الأساسي للأعراض، بينما تأتي اضطرابات المزاج كنتيجة ثانوية.

مثال على ذلك: قد يدخل المريض في نوبة اكتئاب الهجر (Abandonment Depression) شديدة بعد موقف بسيط أو متخيل يدل على تباعد شريك عاطفي، مما قد يُخطئ تشخيصه كاضطراب مزاجي كبير، بينما هو رد فعل وليس تقلبًا داخليًا.

أما الأفراد الذين يعانون من الطبع الدوري المزاج (Cyclothymic Temperament)، فيُظهرون تقلبات مزاجية منخفضة الحدة ومزمنة، لا ترتبط بالعلاقات، ولا تتضمن اضطراب الهوية أو الدفاعات البدائية.
الاحتفاظ بهاتين النقطتين في الذهن—الآليات الدفاعية والتفاعل العاطفي المرتبط بالعلاقات—يساهم بشكل كبير في تجنب الأخطاء التشخيصية.