دراسة تكشف: شبكة دماغية مرتبطة بالانتباه أكبر حجمًا لدى المصابين بالاكتئاب

نشرت مجلة Nature دراسة حديثة أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب يمتلكون شبكة دماغية تُعرف بشبكة الأهمية (salience network) بحجم يقارب الضعف مقارنة بغير المصابين. والأهم من ذلك أن هذا التوسع يبقى ثابتًا حتى مع تغيّر شدة الأعراض، مما يشير إلى أنه سمة مستقرة وليست مرتبطة فقط بفترات المرض النشطة.
قائد الفريق البحثي، تشارلز لينش، أستاذ علم الأعصاب في كلية طب وايل كورنيل، أوضح أنهم لم يكونوا يتوقعون العثور على اختلافات مستقرة في أنماط نشاط الدماغ، بل كانوا يبحثون عن تغيّرات مرتبطة بتقلّب الأعراض بمرور الوقت. ومع ذلك، كشفت النتائج عن وجود اختلاف هيكلي واضح في الدماغ لدى المصابين بالاكتئاب، ما يفتح المجال لتفسيرات جديدة للمرض.
شبكة الأهمية تُعرف بدورها في توجيه الانتباه إلى المحفزات ذات الصلة، كما أنها تؤثر على شبكات أخرى مسؤولة عن التفكير الذاتي والذاكرة العاملة أثناء المهام الموجهة بالهدف. وقد لاحظ الباحثون أن حدود هذه الشبكة تتوسع في أدمغة المصابين بالاكتئاب مقارنة بغيرهم، بالرغم من أن شكلها العام يبقى متشابهًا بين المجموعتين.
أما على مستوى التفاصيل الدقيقة، فقد وُجد أن تراجع الشعور بالمتعة أو الفرح يرتبط بضعف الاتصال بين النواة المتكئة، المسؤولة عن نظام المكافأة، والقشرة الحزامية الأمامية، التي تشارك في اتخاذ القرار. هذا الضعف في التواصل داخل الشبكة يتزامن مع ازدياد حدة الأعراض.
وفي خطوة لتحديد ما إذا كانت هذه الشبكة المتضخمة تظهر قبل ظهور الاكتئاب نفسه، قام الفريق بتحليل بيانات تصوير دماغي لأطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عامًا، لم تظهر عليهم أعراض الاكتئاب عند التصوير، لكن ظهرت لاحقًا.
وكانت النتيجة أن الأطفال الذين أصيبوا لاحقًا بالاكتئاب كانوا يمتلكون بالفعل شبكات أهمية أكبر من أقرانهم. هذا يشير إلى أن تضخم الشبكة قد يكون مؤشرًا مبكرًا لظهور الاضطراب وليس نتيجة له، وربما يعود إلى عوامل وراثية أو ضغوط نفسية مبكرة.
تشير هذه النتائج إلى أن هناك إمكانية حقيقية لتحسين علاجات تحفيز الدماغ إذا ما تم أخذ البنية المكانية لهذه الشبكات العصبية في الاعتبار. وهو ما قد يساعد على تطوير علاجات أكثر دقة وفعالية، خاصة في ظل التفاوت الكبير في استجابة المرضى للأدوية التقليدية المضادة للاكتئاب.