Blog Details

فهم الأكل العاطفي: لماذا نلجأ إلى الطعام عند الشعور بالتوتر أو الحزن؟

في لحظات التوتر، القلق، أو الحزن، يلجأ بعض الأشخاص إلى الطعام كوسيلة للتهدئة أو للهروب من المشاعر السلبية. يُعرف هذا السلوك باسم “الأكل العاطفي”، ورغم أنه لا يُصنّف كاضطراب أكل رسمي، إلا أنه قد يترك آثارًا سلبية على الصحة الجسدية والنفسية إذا تكرر بشكل مفرط.

الأكل العاطفي يعني أن الشخص يتناول الطعام استجابةً لحالة نفسية معينة، وليس بدافع الجوع الفسيولوجي. فقد يشعر الفرد بالحزن، القلق، الملل أو الضغط، فيلجأ إلى تناول الطعام، خاصة الأطعمة الغنية بالدهون أو السكريات، لما تمنحه من راحة مؤقتة أو شعور بالمتعة.

التمييز بين الجوع العاطفي والجوع الحقيقي قد يكون صعبًا أحيانًا، إلا أن هناك فروقًا واضحة بينهما. فالجوع العاطفي عادة ما يظهر فجأة، ويصاحبه رغبة شديدة في تناول نوع معين من الطعام، وغالبًا ما يكون الأكل فيه سريعًا وغير واعٍ، وقد يعقبه شعور بالذنب أو الندم. أما الجوع الحقيقي، فيتطور تدريجيًا ويأتي نتيجة حاجة الجسم للطاقة، ويتوقف عادة عند الشعور بالشبع.

من العلامات التي قد تشير إلى الأكل العاطفي: تناول الطعام بسرعة، الأكل رغم عدم الشعور بالجوع، الرغبة المستمرة في تناول الأطعمة غير الصحية، وزيادة الوزن غير المبررة، إضافة إلى الشعور بالذنب بعد الأكل.

العديد من الضغوط اليومية، كالتحديات في العمل، الخلافات العائلية، أو حتى الشعور بالملل، قد تكون عوامل محفّزة لهذا النوع من السلوك. وتشير بعض الدراسات إلى أن النساء، والأشخاص الذين يعانون من صعوبة في ضبط النفس أو تأجيل الإشباع، قد يكونون أكثر عرضة للأكل العاطفي من غيرهم.

رغم ذلك، فإن الأكل العاطفي سلوك يمكن التعامل معه من خلال مجموعة من الاستراتيجيات. تبدأ الخطوة الأولى بالوعي؛ أي ملاحظة المحفزات التي تدفعك نحو الأكل: هل تشعر بالجوع فعلًا، أم أنك تحاول الهروب من شعور نفسي غير مريح؟ بعد التعرف على السبب، يمكن تجربة بدائل صحية كالمشي، ممارسة الرياضة، التأمل، أو الكتابة للتعبير عن المشاعر بدلاً من تناول الطعام.

كما يُنصح باتباع أسلوب “الأكل الواعي”، والذي يتضمن الأكل ببطء، والانتباه إلى الطعم، والتوقف عند الشعور بالشبع. هذه الممارسة تساعد في إعادة التواصل مع إشارات الجوع والشبع الحقيقية.

وإذا شعر الشخص بأن الأكل العاطفي أصبح خارج نطاق السيطرة، فإن اللجوء إلى متخصص نفسي أو أخصائي تغذية يمكن أن يكون خطوة فعالة نحو التعافي. فالحصول على دعم مهني ليس فقط أمرًا مقبولًا، بل هو أحيانًا ضروري لإحداث تغيير مستدام.