اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه والتخريب الذاتي: فهم الحلقة المفرغة

قد يشبه العيش مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) محاولة الجري نحو أهدافك بينما تسحب مظلة خلفك. أنت تدرك تمامًا ما تطمح إلى تحقيقه، ولكن ما يعيقك غالبًا هو سلوكيات تخريب الذات، تدني الثقة بالنفس، وتراكم الخطط غير المنجزة. ومع ذلك، من المهم أن تدرك أنك لست وحدك، ولست معيبًا.
ما هو السلوك التخريبي الذاتي لدى من يعانون من ADHD؟
يرتبط السلوك التخريبي الذاتي بعدة صعوبات تنفيذية غالبًا ما ترافق اضطراب ADHD، مثل: انخفاض تقدير الذات، الإحساس بالنقص، مقاومة التغيير، والحاجة للسيطرة. ويُعرف هذا السلوك في الأدبيات النفسية بـ “الإعاقة الذاتية” (Self-Handicapping).
تشير الأبحاث إلى أن بعض الأشخاص يتخذون قرارات تعيق نجاحهم عمدًا، كوسيلة لحماية أنفسهم من خيبة أمل محتملة، أو لتجنب الشعور بالفشل.
غالبًا ما يعاني المصابون بـ ADHD من صعوبة في تنظيم الذات، الالتزام، ومراقبة أفكارهم وسلوكهم (Metacognition)، مما يجعلهم أكثر عرضة لهذا النمط. على سبيل المثال:
لنفترض أنك تعمل على مشروع منذ أسابيع وهناك عرض مهم غدًا. ورغم إدراكك لحاجتك للنوم المبكر، تقرر الخروج مع صديق قديم، فتعود متأخرًا، وتصل متأخرًا للاجتماع، وتقدم أداءً ضعيفًا.
قد تلوم الظروف أو صديقك، لكن في العمق، ربما كان هناك اندفاع أو تهرّب ناتج عن خوف داخلي من الفشل.
العلاقة بين السلوك التخريبي الذاتي، الحديث السلبي مع النفس، والشعور بالعار
غالبًا ما يظهر التخريب الذاتي من خلال أحاديث سلبية داخلية:
- على المستوى الواعي: قد تقول لنفسك “فشلت من قبل، ولن أنجح الآن”، أو “أنا غير كفء”.
- على المستوى اللاواعي: قد تتجنب التحديات، أو تكرر سلوكيات تؤدي إلى نتائج مخيبة، فتُثبت لنفسك من جديد أنك لا تستحق النجاح.
مع الوقت، تصبح هذه الأفكار جزءًا من معتقداتك الجوهرية السلبية (Core Beliefs)، ما يعزز الشعور بالذنب، القلق، والاكتئاب.
كثيرًا ما يشعر المصابون بـ ADHD منذ الطفولة أنهم “مختلفون”، وتترسخ فيهم مشاعر العار والشك في الذات نتيجة لتكرار الإخفاقات.
مؤشرات على وجود سلوك تخريبي ذاتي
هل تلاحظ هذه الأنماط في سلوكك؟
- المماطلة والتأجيل
تجنب المهام - التفكير الجامد (Fixed Mindset)
- السعي لإرضاء الآخرين على حساب نفسك
- سلوكيات متهورة أو غير محسوبة
- الوقوع في فخ المقارنات السلبية (قارن واحتقر نفسك)
- الكمالية المفرطة
أدوات فعالة للتعامل مع السلوك التخريبي الذاتي
- غيّر أنماط التفكير المحدودة والسلوكيات الدفاعية.
تخلّ عن وهم الكمال. اعتمد مبدأ “جيد بما فيه الكفاية”، وركز على اللحظة الحالية بدلاً من الانشغال بإرضاء الآخرين. عند الشعور بالنقد الداخلي، توقّف، خذ نفسًا، وذكّر نفسك بإنجازاتك السابقة. - حدد العبارات التخريبية وابدأ بالرد عليها.
دوّن الجمل السلبية التي تراودك، واصنع قائمة بجمل إيجابية بديلة. ذكّر نفسك: “أنا لست أفكاري، بل أملك القدرة على اختيار الرد عليها”. - ابدأ بأهداف صغيرة لبناء الثقة.
لا تنظر للآخرين، بل لنفسك. إذا كنت تشعر بالقلق الاجتماعي، ابدأ مثلاً بالابتسام لأشخاص جدد، ثم لاحقًا قل “مرحبًا”. قيّم تجربتك لاحقًا وتقبل أي ارتباك حصل. - عدّل توقعاتك لتناسب الواقع.
كل إنسان يخطئ ويتعلم. افصل بين ADHD وهويتك الشخصية، فأنت أكثر من مجرد تشخيص. كافئ نفسك على إتمام المهام الصغيرة وقسّم الأعمال المعقدة إلى خطوات بسيطة. - اعتمد عقلية النمو (Growth Mindset).
الأخطاء جزء من عملية التعلم. تخلّ عن المقارنات، وكن لطيفًا مع نفسك. قد لا تتقن شيئًا “بعد”، لكنك في طريقك لذلك. - مارس التأمل لتعزيز التعاطف مع الذات.
اجلس في مكان هادئ، تنفس بعمق، وتخيل شخصًا تحبه يقول لك كلمات دعم وتشجيع. استرجع هذه التجربة لاحقًا عندما تشعر بالانهيار الداخلي.
ختامًا
مع ADHD، قد تمر بلحظات تشعر فيها بأنك تواجه صعوبة دون فهم السبب أو كيفية تجاوزها. لكن السلوك التخريبي ليس فشلًا شخصيًا، بل نمط يمكن تغييره بالتدريج.
ابدأ من حيث أنت، وذكّر نفسك: لقد تجاوزت صعوبات من قبل، وستفعلها مجددًا.