ثلاث حقائق أساسية يجب أن يعرفها الأشخاص غير المصابين بالتوحد عن التوحد

أعيش معظم وقتي داخل دوائر يتفاعل فيها العشرات، إن لم يكن المئات، من المصابين بـالتوحد يوميًا. وفي هذا العالم المغلق، أنسى أحيانًا أن معظم الناس لا يعرفون الكثير عن التوحد، وما يعرفونه غالبًا ما يكون قديمًا أو قائمًا على صور نمطية خاطئة.
ولبناء جسور الفهم وتجنب الوصمة، إليك ثلاث حقائق مهمة يتمنى الكثير من المصابين بالتوحد أن يعرفها غير المصابين:
١. “كلنا على الطيف” ليست عبارة صحيحة أو مفيدة
عندما نخبر أحدهم أننا مصابون بالتوحد، يرد البعض بعبارة: “كلنا على طيف التوحد”. هذه الجملة، وإن بدت شاملة، إلا أنها في الحقيقة تقلل من شأن التجربة التوحدية وتمنع إجراء أي حوار حقيقي.
لو كان الجميع “على الطيف”، لما كانت هناك حاجة لتسمية التوحد أساسًا. هذه العبارة تُسكت الحديث وتُشعر الشخص التوحدي بأنه غير مفهوم أو غير مرحّب به.
٢. لدى المصابين بالتوحد ما يُعرف بـ”الملف الشخصي المتفاوت”
المقصود بـالملف الشخصي المتفاوت هو أن الشخص التوحدي قد يمتلك قدرات فائقة في مجالات معينة، مثل الذاكرة أو حل المشكلات أو اللغة، ويواجه في نفس الوقت صعوبات واضحة في مجالات أخرى مثل التواصل الاجتماعي أو التحكم العاطفي.
هذا التفاوت ليس تناقضًا، بل جزء من طبيعة طيف التوحد. لذلك، تجنب المقارنة بين الشخص التوحدي وأشخاص آخرين تعرفهم سبق أن تم تشخيصهم، فـلكل حالة خصوصيتها.
٣. المصابون بالتوحد فئة مهمشة تعاني من تحديات حقيقية
يُطلب من المصابين بالتوحد – وخاصة الذين تم تشخيصهم في وقت متأخر – إخفاء أعراضهم أو “التمويه” للتأقلم مع المجتمع، مما يؤدي إلى ضغط نفسي وعصبي هائل.
نسب البطالة في صفوف التوحديين مرتفعة جدًا، ويعانون أيضًا من نسب عالية من الاكتئاب والقلق، ومعدلات الانتحار بينهم قد تصل إلى تسعة أضعاف المعدل العام.
هذه التحديات ليست ناتجة عن خلل في الشخص نفسه، بل بسبب نقص التقبل والدعم الاجتماعي. التغيير ممكن، لكنه يتطلب إرادة مجتمعية حقيقية.
التوحد لا يعني المعاناة فقط، بل يمكن أن يضفي جمالًا وعمقًا على حياة الشخص. لكن ليحدث ذلك، نحتاج إلى بيئة تُقدر الاختلاف وتدعم التنوع العصبي بكل صدق واحترام.