Blog Details

تجربة رائدة تكشف جوانب جديدة حول أصل الوعي

في دراسة استغرقت سبع سنوات من التحضير، توصل العلماء إلى رؤى جديدة حول طبيعة الوعي، في تجربة تعد الأولى من نوعها لاختبار نظريتين متنافستين هما: نظرية تكامل المعلومات (IIT) ونظرية مساحة العمل العصبية العالمية (GNWT). وقد نُشرت النتائج اليوم في مجلة Nature، مما يمثّل تقدمًا مهمًا في السعي لفهم أصل الوعي الذي طالما حيّر العلماء.

تقترح نظرية تكامل المعلومات (IIT) أن الوعي ينشأ عندما تكون المعلومات داخل النظام، مثل الدماغ، مرتبطة ومتكاملة بشكل كبير، فتعمل كوحدة واحدة طالما يتم إدراك هذه المعلومات بوعي. أما نظرية مساحة العمل العصبية العالمية (GNWT)، فترى أن الوعي يحدث عندما تقوم شبكة من مناطق الدماغ بتسليط الضوء على المعلومات ذات الأهمية وبثّها على نطاق واسع داخل الدماغ لحظة دخولها دائرة الوعي.

تم تنفيذ تجربة ضخمة في عام 2019 لاختبار النظريتين بمشاركة 256 متطوعًا، وتم الإعلان عن نتائجها مؤخرًا.

وقال الدكتور كريستوف كوخ من معهد ألين:


“هذا النوع من التعاون المعاكس يعكس جوهر رؤيتنا في العلم الجماعي والمفتوح، ويخدم أحد أعمق التحديات الفكرية في تاريخ البشرية: مشكلة العقل والجسد. السعي لفهم الوعي هو شغفي الأول.”

أهم النتائج:

أظهرت الدراسة وجود ارتباط وظيفي بين المناطق البصرية الخلفية في الدماغ والمناطق الأمامية، مما يساعد على فهم العلاقة بين الإدراك الحسي والتفكير. وتشير النتائج إلى أن القشرة الجبهية الأمامية، رغم أهميتها في التخطيط والتفكير، قد لا تكون مركزًا رئيسيًا للوعي، الذي يبدو مرتبطًا أكثر بـ المعالجة الحسية والإدراك.

هذا الكشف قد يكون له تأثير كبير في تشخيص حالات الوعي المضطرب، مثل الغيبوبة أو الحالة الإنباتية، وقد يساهم في التعرف على ما يُعرف بـ “الوعي الخفي” لدى مرضى غير قادرين على الاستجابة، وهي حالة تظهر في ربع الحالات تقريبًا بحسب New England Journal of Medicine.

لا فائز واضح بين النظريتين:

رغم أن نظرية IIT تربط الوعي بتكامل المعلومات بين أجزاء الدماغ، لم تجد الدراسة ما يكفي من الأدلة على وجود ترابط دائم يدعم هذه الفرضية. أما نظرية GNWT التي تركّز على الدور المحوري لمقدمة الدماغ، فلم تحصل هي الأخرى على دعم كافٍ من البيانات.

قال البروفيسور أنيل سيث من جامعة ساسكس:


“من الواضح أن تجربة واحدة لا تكفي لحسم الجدل بين النظريتين، فكل منهما تنطلق من افتراضات وأهداف تفسيرية مختلفة. لكن هذا لا يقلل من قيمة النتائج التي قدمت رؤى مهمة حول كيفية فك تشفير التجارب البصرية داخل الدماغ.”

وشارك في التجربة 256 مشاركًا خضعوا لمجموعة من الاختبارات البصرية أثناء استخدام ثلاث أدوات علمية لمتابعة تدفق الدم والنشاط الكهربي والمغناطيسي للدماغ.
هذه التجربة جزء من تعاون علمي مفتوح بدأ في ورشة عمل نظمها معهد ألين في عام 2018، بهدف تقليل التحيّز التأكيدي وتحفيز التقدّم العلمي عبر إشراك باحثين من خلفيات نظرية متباينة.