Blog Details

هل توجد أنواع بيولوجية فرعية لمرض الفصام؟

يُعرف الفصام بأنه اضطراب “غير متجانس”، أي أن المرضى الذين يحملون التشخيص نفسه قد يُظهرون أعراضًا مختلفة تمامًا عن بعضهم البعض. فبعض المرضى يعانون أكثر من الأعراض الإيجابية مثل الهلاوس والأوهام، بينما يعاني آخرون من ضعف الإدراك كصعوبة التفكير المنطقي أو الحديث بشكل مترابط. وهناك من تظهر عليهم أعراض الاكتئاب أو تبلد العاطفة.

حتى الآن، يفترض الباحثون في مجال تطوير الأدوية أن جميع حالات الفصام متشابهة، ولهذا تركّز الأدوية على الناقلات العصبية نفسها. لكن ماذا لو كان الفصام يتكون من أنواع فرعية (Subtypes) لكل منها أسباب وأعراض خاصة، وربما مرتبطة بأمور مثل البكتيريا المعوية (Gut Bacteria)؟

دراسة جديدة في عام 2025 توصلت إلى وجود أنواع بيولوجية فرعية في الدماغ (Brain Subtypes – BSs)، وأنواع فرعية في الأمعاء (Gut Subtypes – GSs)، وكذلك أنواع مشتركة بين الدماغ والأمعاء (Brain-Gut Subtypes – B-GSs) مع إمكانية تحديد المؤشرات الحيوية (Biomarkers) التي يمكن استخدامها في التشخيص.

منهجية الدراسة

شملت الدراسة 768 شخصًا تم فحصهم للأعراض الذهانية والإدراك باستخدام اختبارات مثل الذاكرة وسرعة المعالجة والانتباه. كما جمع الباحثون عينات براز لقياس مستويات 176 نوعًا من البكتيريا المعوية، إلى جانب تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي (MRI) لرصد العلاقة بين البنية الدماغية والبكتيريا.

بواسطة طريقة دمج مبتكرة بين بيانات البكتيريا ونتائج التصوير الدماغي، استطاع الباحثون تحديد سبعة أنواع بيولوجية فرعية للفصام تختلف في بنية الدماغ، صحة الأمعاء، وأنماط الأعراض.

الأنواع البيولوجية الدماغية

وجد الباحثون اختلافات في حجم المادة البيضاء (White Matter Volume) والاتصال الوظيفي (Functional Connectivity) بين مناطق الدماغ. مثلًا:

  • BS1: زيادة في حجم المادة البيضاء في الفص الجبهي (Frontal Lobe) والفص الصدغي (Temporal Lobe) وضعف الاتصال الوظيفي في شبكات مثل الشبكة الافتراضية (Default Mode Network) وشبكة الانتباه.
  • BS2: نتائج معاكسة لحجم المادة البيضاء وضعف مشابه في الشبكات الدماغية.

الأنواع البيولوجية المعوية

وجد الباحثون ثلاثة أنواع فرعية للأمعاء مثل:

  • GS1: ارتفاع في بكتيريا Collinsella المرتبطة بالالتهاب.
  • GS2: انخفاض Gemmiger وارتفاع Prevotella، المرتبط بالأعراض الأكثر حدة.
  • GS3: زيادة كبيرة في Streptococcus المعروف بتأثيره على الناقلات العصبية.

العلاقة بين الدماغ والأمعاء

لوحظ تداخل بين أنواع الدماغ والأمعاء مثل B-GS1 وB-GS2 مع BS2، ما يدعم فكرة الترابط بين صحة الدماغ والأمعاء.

التفسيرات والتطبيقات المحتملة

تشير النتائج إلى إمكانية العلاج الموجه لكل نوع فرعي:

  • مثلًا، قد يستفيد BS1 من التدخلات الهيكلية مثل التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS).
  • بينما قد يستفيد BS2 من الأدوية المضادة للذهان مثل Risperidone.

ترتبط بعض الأنواع المعوية بالأعراض، مما قد يفتح الباب أمام علاجات تستهدف الميكروبيوم المعوي.

رغم أن الدراسة رائدة، لكنها محدودة بحجم العينة واختلاف الثقافات الغذائية. ومع ذلك، فهي تعزز فكرة أن الفصام اضطراب بيولوجي يمكن علاجه بوسائل بيولوجية.